مجتمع

تارودانت: بين الأمل والواقع المرير

مدينة تارودانت، اللي كل واحد كيحس بالفخر وهو كيهضر على تاريخها العريق، تعيش اليوم تحت وطأة مشاكل تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم. هاد المدينة اللي كانت معروفة بالحضارة والازدهار، كتحاول اليوم تصارع ضد مجموعة من المشاكل التي جعلت المواطنين محاصرين بين واقع مرير وآمال تتلاشى تدريجياً. ثلاث سنوات مرت منذ تولي المجلس الجماعي الحالي المسؤولية، ولكن النتائج لا ترقى لمستوى الطموحات.

أول ما يلفت الانتباه هو مشاريع البنية التحتية التي توقفت أو تعثرت. القاعة المغطاة بلاسطاح، كأنها تُبنى بملعقة، ما يفوق 8 سنوات و لا تزال مجرد هياكل تنتظر من ينفخ فيها الحياة. ليس هذا المشروع وحده، فمسجد باب الخميس ومسجد فرق الحباب يعرفان نفس المصير، دون أن يكون هناك أي مبرر واضح لهذا التأخير. ف أين المسؤولين ؟
أما دار الشباب في تارودانت، فهي قصة أخرى من الإهمال. المدينة لا تتوفر على دار شباب بمعايير المدن الأخرى، وما يوجد الآن أشبه بـ”دار الكراية”، لا تلبي احتياجات الشباب ولا تعكس تطلعاتهم. الشباب هنا يتساءلون: كيف يمكن لمدينة بحجم تارودانت أن تظل بدون فضاء حقيقي يُشجع على الإبداع والتكوين؟
ولا تتوقف المشاكل هنا؛ سوق السمك، الذي يفترض أن يكون واجهة تجارية للمدينة، أصبح بؤرة للأوساخ والروائح الكريهة.المسؤولين حايرين فيه، مرة يسدوه ومرة يفتحوه، بلا ما يكون قرار واضح. هذا الفشل في اتخاذ قرارات واضحة يزيد من معاناة التجار والمواطنين على حد سواء.
المواصلات كذلك تشهد وضعاً مأساوياً. محطة باب تارغونت لا ترقى لتكون محطة تنقل، بل مجرد ساحة تجمع فيها الطاكسيات دون نظام أو ترتيب. واللي كيسافر من تارودانت كيعرف أن المحطة الطرقية بدورها ما هي إلا ساحة للنقل الحضري، وما عندهاش حتى المعايير اللي خصها تكون فمحطة طرقية حقيقية.
ونزيدو عليها طوبيسات الكرامة، اللي فعلاً بعيدة بزاف على الإسم ديالها.. الناس كيتكدسوا فيها بحال السردين، فين هي الكرامة الإنسانية في هاد الوضع؟ واش فعلاً هاد المدينة غادي تكون جزء من تنظيم كأس إفريقيا أو حتى كأس العالم؟
الأوضاع الصحية ما كتختلفش بزاف عن باقي القطاعات. مستشفى المختار السوسي كيتعرض لضغط كبير ولم يعد كافياً نهائياً لاستقبال الحالات من جميع أنحاء الإقليم اللي فيه 89 جماعة. لا تجهيزات ولا أطر طبية كافية، والنتيجة هي أن المواطنين كيضطروا يسافروا للمدن المجاورة باش يتلقاو العلاج. وكنزيدو عليها غياب حي جامعي، مع أن المدينة هي الوجهة الدراسية لكثير من أبناء الإقليم.
لكن، وسط هاد السواد و بالرغم من التحديات الكبيرة التي تعاني منها تارودانت، كاينين بعض النقاط المضيئة اللي كتعطي بصيص ديال الأمل. المركب الثقافي اللي تم إنجازه، كيشكل فضاء حيوي للشباب وللأنشطة الثقافية، وكيعطي دفعة قوية للحياة الثقافية في المدينة. المشروع ديال “أتقداو” اللي شغّل عدد كبير من اليد العاملة، كيبين أن هناك مجهودات ملموسة لتحسين الوضع الاقتصادي المحلي وتوفير فرص شغل.
زيادة على هادشي، المستشفى الخاص “أكديطال” الذي جاء ليخفف الضغط على القطاع الصحي العمومي ويوفر خدمات صحية بجودة عالية، وهو إضافة مهمة للبنية الصحية في المدينة.
وبخصوص التعليم، المسؤولين منساوش القطاع، بحيث تم إنشاء مدرسة للذكاء الاصطناعي، وهي خطوة كبيرة نحو تحديث المنظومة التعليمية وتأهيل الشباب لمتطلبات سوق الشغل الجديد.
ومن المشاريع الكبرى اللي كتشير إلى اهتمام المسؤولين بالبنية التحتية وحماية البيئة، كنلقاو مشروع التطهير السائل، اللي تم تخصيص ليه ميزانية 305 مليون درهم. هاد المشروع غادي يساهم بشكل كبير في تحسين ظروف العيش ويحمي المدينة من التلوث البيئي.
إضافة لمشاريع قادمة في الطريق، اللي من المنتظر أنها غادي تفتح أبواب جديدة للشباب وتوفر فرص عمل مهمة. هاد المشاريع كتمثل دفعة حقيقية لتارودانت باش تسترجع المكانة اللي تستحقها.
وفي الختام، تارودانت تظل مدينة ذات تاريخ عريق وإمكانات كبيرة. والتزام الجميع، من مسؤولين وسكان، بالعمل على تحسين الوضع وتطوير المدينة، هو المفتاح لتحقيق التغيير المنشود. بتضافر الجهود وتحقيق رؤية واضحة يمكننا أن نعيد لتارودانت إشعاعها.

إيمان السعيدي

https://www.facebook.com/paraelmoumen

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى