
احتفت مدينة اكادير بين 11 و 13 نونبر 2025 بتراث إسمكان في اطارملتقى اكادير للتراث اللامادي تحت شعار “بصمة الأجداد بعدسة الأحفاد”، وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء. الملتقى نظمه نادياكابلوس بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وبتنسيق مع جمعيةالوئام والجماعة الحضرية لاكادير. كان الحدث مناسبة جمعت بين البعدالاحتفالي والبعد البحثي، وبين اشكال التكوين والممارسة الفنية والانصاتلشهادات حية تحمل ذاكرة المكان والانسان.
منذ الساعات الاولى لانطلاق الملتقى، توافد المشاركون من ممارسين وباحثينوشباب مهتم، لتبدأ ورشتا حفظ وتثمين التراث اللامادي عبر الصورة. الورشةالاولى، المؤطرة من طرف المخرجة نورا ازروال، خصصت للسينما التخيليةوكيف يمكن لهذا النوع الفني ان يعيد صياغة الموروث ويقدمه في قالبابداعي يجمع بين الواقع والخيال. اما الورشة الثانية، من تأطير المخرج مرادخلو، فركزت على تقنيات الفيلم الوثائقي باعتباره أداة اساسية لتوثيقالطقوس والممارسات التي تشكل الذاكرة الثقافية للمنطقة.
ولم يقتصر الملتقى على البعد السينمائي، بل احتضن أيضا ورشة فنيةوأنثروبولوجية لصناعة الطبول التقليدية، حيث شارك الشباب في التعرفعلى المواد الاولية وطريقة تشكيل الطبل ودوره في تراث اسمكان. كانتالورشة فضاء يجمع بين الحرفة والرمزية، وبين الجانب التقني والبعدالاجتماعي الذي يرافق الصناعات الفنية المحلية.
الى جانب ذلك، نظمت جلسات تفاعلية مع الشباب، تم خلالها التداول حولعلاقة الجيل الجديد بالتراث اللامادي وكيف يمكن تحويل هذا الاهتمام الىمشاريع ابداعية في التوثيق والفن والبحث. كانت النقاشات صريحة، مليئةبالاسئلة حول الهوية والتغيرات الاجتماعية وضرورة تجديد طرق حفظالموروث.
الملتقى احتضن أيضا جلسة انثروبولوجية موسعة حول طقوس موسماسمكان، قدمها الباحث احمد الطالب، وشارك فيها عدد من المقدمينوالممارسين، بينهم الحسن باكري، محمد امبارك بزضين، جميعة بوقدير، وسيدينو رؤوف. قدم المشاركون شهادات عميقة حول تفاصيل الموسم، وعلاقته بالدورة الزراعية، وبالروابط الاجتماعية، وبالذاكرة الجماعية للقبائلالتي تحافظ على هذه الطقوس منذ عقود.
وفي لحظة وفاء واعتراف بجهود حماة التراث، تم تكريم عدد من الشخصياتالتي ساهمت في الحفاظ على الموروث اللامادي، من بينهم الحسن باكريومحمد امبارك بزضين وجميعة بوقدير وسيدينو رؤوف، اضافة الى جمالجوازي رئيس مجلس دار الشباب الحي الحسني.
واختتم الملتقى بعروض احتفالية قدمتها مجموعات من فن كناوة واسمكان، بينها مجموعة اسمكان بوتشكات، مجموعة كنارة اكادير، ومجموعة اسمكاناكسيمن. عادت الساحة الى ايقاعات الدفوف والقرقابو، في مشهد اعادالزمن الى جذوره والذاكرة الى بداياتها الاولى.
بهذا، يكون ملتقى اكادير للتراث اللامادي قد نجح في جمع المعرفةبالممارسة، والبحث بالاحتفال، مؤكدا أن الحفاظ على التراث ليس فعلا ثقافيافحسب، بل هو ايضا فعل اجتماعي وتربوي يربط الاجيال ويرسخ الهويةالسوسية بكل غناها وتفاصيلها.



